فصل: فِي مُلَامَسَةِ الصَّائِمِ وَنَظَرِهِ إلَى أَهْلِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي الَّذِي يَرَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ أَيَرُدُّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَفَيَصُومُ هَذَا الَّذِي رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ إذَا رَدَّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَفْطَرَ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْقَضَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ رَآهُ وَحْدَهُ أَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَ الْإِمَامَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَعَلَّ غَيْرَهُ قَدْ رَآهُ مَعَهُ فَتُجَوَّزُ شَهَادَتُهُمَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ اسْتِهْلَالَ رَمَضَانَ، هَلْ تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا.
قُلْتُ: فَشَهَادَةُ رَجُلَيْنِ؟
قَالَ: هِيَ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هِلَالَ شَوَّالٍ؟
قَالَ: كَذَلِكَ أَيْضًا لَا تَجُوزُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ وَالْمُكَاتَبِينَ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِي اسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ؟
قَالَ: مَا وَقَفَنَا مَالِكٌ عَلَى هَذَا، وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْعَبِيدَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْحُقُوقِ فَفِي هَذَا بُعْدٌ أَنْ تَجُوزَ فِيهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الَّذِينَ قَالُوا إنَّهُ يُصَامُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَأَيْتَ إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمْ هِلَالُ شَوَّالٍ كَيْفَ يَصْنَعُونَ أَيُفْطِرُونَ أَمْ يَصُومُونَ وَاحِدًا وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ أَفْطَرُوا وَخَافُوا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ رَمَضَانَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَوْسِمِ إنَّهُ قَالَ: يُقَامُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ صِيمَ بِشَهَادَتِهِمَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجَازَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِيمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ: إنَّهُ يَصُومُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَلَا يُصَامُ بِشَهَادَتِهِ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ.
قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ أَنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ أَنَّهُمَا أَهَلَّاهُ بِالْأَمْسِ عَشِيَّةً.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إنَّ نَاسًا رَأَوْا هِلَالَ الْفِطْرِ نَهَارًا فَأَتَمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صِيَامَهُ إلَى اللَّيْلِ، وَقَالَ: لَا حَتَّى يُرَى مِنْ حَيْثُ يُرَى بِاللَّيْلِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّمَا مَجْرَاهُ فِي السَّمَاءِ وَلَعَلَّهُ أَبْيَنُ سَاعَتَئِذٍ وَإِنَّمَا الْفِطْرُ مِنْ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ يُرَى الْهِلَالُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: مَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ نَهَارًا فَلَا يُفْطِرُ وَيُتِمُّ يَوْمَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ هِلَالُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَأْتِي، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَهُ.
قال سَحْنُونٌ: وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هِلَالِ رَمَضَانَ إذَا رُئِيَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَيَصُومُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ؟
فَقَالَ: لَا يَصُومُونَ، قِيلَ لَهُ: هُوَ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةِ الْهِلَالِ يُرَى بِالْعَشِيِّ؟
قَالَ:
نَعَمْ هُوَ مِثْلُهُ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَبَى أَنْ يُجِيزَ شَهَادَةَ هِشَامِ بْنِ عُتْبَةَ وَحْدَهُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَصُومُوا أَوْ قَالَ فَأَفْطِرُوا.

.(فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْحُقْنَةِ وَالسَّعُوطِ وَالْحِجَامَةِ):

فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْحُقْنَةِ وَالسَّعُوطِ وَالْحِجَامَةِ وَصَبِّ الدُّهْنِ فِي الْأُذُنِ لِلصَّائِمِ قُلْتُ: يُقَبِّلُ الصَّائِمُ أَوْ يُبَاشِرُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُقَبِّلَ أَوْ يُبَاشِرَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَبَّلَ فِي رَمَضَانَ فَأَنْزَلَ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ وَالْقَضَاءُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ مِنْ الْمَرْأَةِ مِثْلُ مَا كَانَ مِنْ الرَّجُلِ أَيَكُونُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ إنْ طَاوَعَتْهُ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ عَنْهُ وَعَنْهَا، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْقَضَاءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَبَّلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قُبْلَةً وَاحِدَةً فَأَنْزَلَ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْقُبْلَةَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَنْهَى الصَّائِمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو وَابْنِ شِهَابٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ بَاشَرَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ.
قَالَ: إنْ كَانَ بَاشَرَهَا مُتَلَذِّذًا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ، وَقَالَهُ رَبِيعَةُ بْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُقَبِّلُ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ أَوْ يُلَاعِبُهَا حَتَّى يَنْزِلَ الْمَاءُ الدَّافِقُ إنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
قال سَحْنُونٌ: وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَمَزَهَا أَوْ بَاشَرَهَا حَتَّى أَمْذَى فِي رَمَضَانَ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَصُومَ يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْذِ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَنْهَى عَنْ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ قَصِيرٍ مَوْلَى نَجِيبٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ شَابٌّ فَقَالَ: أَأُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟
قَالَ: لَا، ثُمَّ جَاءَهُ شَيْخٌ فَقَالَ: أَأُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ عَلِمْتُ لِمَ نَظَرَ بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ إنَّ الشَّيْخَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ»
.
قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّابِّ وَالشَّيْخِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ حَتَّى أَنْزَلَ، أَتَرَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمُبَاشَرَةِ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ فَيَجِدُ اللَّذَّةَ؟
فَقَالَ: إنْ أَنْزَلَ الْمَاءَ الدَّافِقَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَمْذَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْعَظَ وَحَرَّكَ ذَلِكَ مِنْهُ لَذَّةً وَإِنْ لَمْ يَمُدَّ رَأَيْت عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُنْزِلْ ذَلِكَ مِنْهُ مَنِيًّا أَوْ لَمْ يُحَرِّكْ ذَلِكَ مِنْهُ لَذَّةً وَلَمْ يُنْعِظْ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا احْتَقَنَ فِي رَمَضَانَ؟
فَقَالَ: كَرِهَهُ مَالِكٌ وَرَأَى أَنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَضَاءَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ احْتَقَنَ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَفَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْحُقْنَةَ لِلصَّائِمَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْفَتَائِلِ تُجْعَلُ لِلْحُقْنَةِ؟
قَالَ: أَرَى ذَلِكَ خَفِيفًا وَلَا أَرَى عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ احْتَقَنَ بِشَيْءٍ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ فَأَرَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحُقْنَةِ وَالْكُحْلِ وَصَبِّ الدُّهْنِ فِي الْأُذُنِ وَالِاسْتِسْعَاطِ، وَقَالَ: إنْ كَانَ فِي صِيَامٍ وَاجِبٍ فَرِيضَةٍ أَوْ نَذْرٍ، فَإِنَّهُ يَتَمَادَى فِي صِيَامِهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ السَّعُوطَ لِلصَّائِمِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْكُحْلَ لِلصَّائِمِ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ، مِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ ذَلِكَ حَلْقَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَدْخُلُ ذَلِكَ حَلْقَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَدْخُلُ ذَلِكَ حَلْقَهُ فَلَا يَفْعَلُ.
قُلْتُ: فَإِنْ فَعَلَ أَتَرَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا دَخَلَ حَلْقَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ الْكُحْلُ إلَى حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قُلْتُ: أَفَيَكُونُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؟
قَالَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّائِمَ يَكْتَحِلُ بِالصَّبِرِ وَالذَّرُورِ وَالْإِثْمِدِ وَغَيْرِ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ يَصِلُ إلَى حَلْقِهِ فَلَا يَكْتَحِلُ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُصَبَّ فِي أُذُنَيْهِ الدُّهْنُ فِي رَمَضَانَ؟
فَقَالَ: إنْ كَانَ يَصِلُ ذَلِكَ إلَى حَلْقِهِ فَلَا يَفْعَلُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ صَبَّ فِي أُذُنَيْهِ الدُّهْنَ مِنْ وَجَعٍ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ يَصِلُ إلَى حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَلْقِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْرَهْ الْكُحْلَ لِلصَّائِمِ وَكَرِهَ لَهُ السَّعُوطَ أَوْ شَيْئًا يَصُبُّهُ فِي أُذُنَيْهِ».
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ يَحْتَقِنُ أَوْ يَسْتَدْخِلُ شَيْئًا مِنْ وَجَعٍ.
قَالَ: أَمَّا الْحُقْنَةُ فَإِنِّي أَكْرَهُهَا لِلصَّائِمِ، وَأَمَّا السَّبُورُ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَالسَّبُورُ الْفَتِيلَةُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ.
قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فِي الَّذِي يَسْتَدْخِلُ الشَّيْءَ.
قَالَ: لَا يُبْدِلُ يَوْمًا مَكَانَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ دُهْنًا وَهُوَ صَائِمٌ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ عِنْدِي أَخَفُّ مِنْ الْحُقْنَةِ، وَلَا أَرَى فِيهِ شَيْئًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ كَانَتْ بِهِ جَائِفَةٌ فَدَاوَاهَا بِدَوَاءٍ مَائِعٍ أَوْ غَيْرِ مَائِعٍ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟
فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا.
قَالَ: وَلَا أَرَى عَلَيْهِ قَضَاءً وَلَا كَفَّارَةً.
قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِلُ إلَى مَدْخَلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَوْ وَصَلَ ذَلِكَ إلَى مَدْخَلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا كَرِهَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ لِمَوْضِعِ التَّعْزِيرِ، وَلَوْ احْتَجَمَ رَجُلٌ فَسَلِمَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرُ مِنْهُنَّ الصَّائِمُ الْقَيْءُ وَالْحِجَامَةُ وَالْحُلُمُ».
ابْنُ وَهْبٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ».

.فِي مُلَامَسَةِ الصَّائِمِ وَنَظَرِهِ إلَى أَهْلِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَامَسَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَأَنْزَلَ أَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَإِنْ هِيَ لَامَسَتْهُ عَالَجَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا حَتَّى أَنْزَلَ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا أَمْكَنَهَا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدٍ فَيُمْذِي؟
قَالَ: أَرَى، أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا مَكَانَهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ مِمَّنْ مَضَى وَأَدْرَكْنَاهُمْ وَأَنَّهُمْ لَيَتَجَنَّبُونَ دُخُولَ مَنَازِلِهِمْ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَاحْتِيَاطًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ مَا يَكْرَهُونَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ نَظَرَ إلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ فَأَنْزَلَ، عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنْ تَابَعَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ النَّظَرَ إلَّا أَنَّهُ نَظَرَ فَأَنْزَلَ مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

.ذَوْقِ الطَّعَامِ وَمَضْغِ الْعِلْكِ وَالشَّيْءُ يَدْخُلُ فِي حَلْقِ الصَّائِمِ:

قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَذُوقَ الصَّائِمُ الشَّيْءَ مِثْلَ الْعَسَلِ وَالْمِلْحِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَا يُدْخِلُهُ جَوْفَهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ لَا يَذُوقُ شَيْئًا.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي فِيهِ الْجَفْرُ فَيُدَاوِيهِ فِي رَمَضَانَ وَيَمُجُّ الدَّوَاءَ؟
فَقَالَ: لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَلَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِلَّذِي يَعْمَلُ الْأَوْتَارَ أَوْتَارَ الْعَقِبِ أَنْ يُمِرَّ ذَلِكَ فِي فِيهِ يَمْضُغُهُ أَوْ يَمْلُسُهُ بِفِيهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلصَّائِمِ مَضْغَ الْعِلْكِ وَمَضْغَ الطَّعَامِ لِلصَّبِيِّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّائِمَ يَدْخُلُ حَلْقَهُ الذُّبَابُ أَوْ الشَّيْءُ يَكُونُ بَيْنَ أَسْنَانِهِ مِثْلُ فِلْقَةِ الْحَبَّةِ أَوْ نَحْوِهَا فَيَبْتَلِعُهُ مَعَ رِيقِهِ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَقْطَعْ عَلَيْهِ أَيْضًا صَلَاتَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّهُ كَرِهَ لِلصَّائِمِ مَضْغَ الْعِلْكِ وَكَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ.

.فِي الْقَيْءِ لِلصَّائِمِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَيْءَ فِي رَمَضَانَ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فِي رَمَضَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ، وَأَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرِو الْمَعَافِرِيِّ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ وَإِذَا اسْتَقَاءَ طَائِعًا أَفْطَرَ» ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا ذَرَعَ الرَّجُلَ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَإِنَّهُ يُتِمُّ صِيَامَهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ صَوْمَهُ».
قَالَ أَشْهَبُ، وَقَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ كَانَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا فَاسْتَقَاءَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَمَادَى وَلَمْ يُفْطِرْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ صِيَامُهُ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ صِيَامَهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ تَقَيَّأَ فِي صِيَامِ الظِّهَارِ يَسْتَأْنِفُ أَمْ يَقْضِي يَوْمًا يَصِلُهُ بِالشَّهْرَيْنِ؟
قَالَ: يَقْضِي يَوْمًا يَصِلُهُ بِالشَّهْرَيْنِ.

.الْمَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ تَمَضْمَضَ فَسَبَقَهُ الْمَاءُ فَدَخَلَ حَلْقَهُ أَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي تَطَوُّعٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَضْمَضَةُ لِوُضُوءِ صَلَاةٍ أَوْ لِغَيْرِ وُضُوءِ صَلَاةٍ فَسَبَقَهُ الْمَاءُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، أَهُوَ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ الصَّائِمُ عَنْ عَطَشٍ يَجِدُهُ أَوْ مِنْ حَرٍّ يَجِدُهُ؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَذَلِكَ يُعِينُهُ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ.
قَالَ: وَيَغْتَسِلُ أَيْضًا.
قُلْتُ: فَإِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَضْمَضَةِ الَّتِي مِنْ الْحَرِّ أَوْ مِنْ الْعَطَشِ شَيْءٌ، فَعَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ إنْ كَانَ صِيَامًا وَاجِبًا مِثْلَ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا قَضَاءَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي السِّوَاكِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَفِي آخِرِهِ؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَفِي آخِرِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَسْتَاكُ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ أَوْ غَيْرِ الرَّطْبِ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ الرَّطْبَ، فَأَمَّا غَيْرُ الرَّطْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ بَلَّهُ بِالْمَاءِ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بَأْسًا بِأَنْ يَسْتَاكَ الصَّائِمُ فِي أَيْ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَاكُ بِالْعُودِ الْأَخْضَرِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ.
أَنَّهُ قَالَ: مَا أُحْصِي وَلَا أَعُدُّ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَسَوَّكُ وَهُوَ صَائِمٌ.

.الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: الصِّيَامُ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ أَحَبُّ إلَيَّ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ فِي السَّفَرِ صَائِمًا فِي رَمَضَانَ ثُمَّ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ مَاذَا عَلَيْهِ؟
قَالَ: الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ مِثْلُ مَنْ أَفْطَرَ فِي الْحَضَرِ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ هَذَا غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا عَام، فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لِي عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُهُ أَوْ قَالَهُ لِي، إنَّمَا كَانَتْ لَهُ السَّعَةُ فِي أَنْ يُفْطِرَ أَوْ يَصُومَ فَإِذَا صَامَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَّا بِعُذْرٍ مِنْ اللَّهِ، فَإِنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا كَانَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْقَضَاءِ.
قَالَ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ فِي حَضَرِ رَمَضَانَ صَائِمًا ثُمَّ سَافَرَ فَأَفْطَرَ؟
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ يَوْمٍ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُفْطِرَ، فَإِنْ أَفْطَرَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ يَوْمٍ.
قُلْتُ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الَّذِي صَامَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ وَبَيْنَ هَذَا الَّذِي صَامَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَأَفْطَرَهُ عِنْدَ مَالِكٍ؟
قَالَ قَالَ لَنَا مَالِكٌ: أَوْ فَسَّرَ لَنَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ فَخَرَجَ مُسَافِرًا فَصَارَ مِنْ أَهْلِ الْفِطْرِ، فَمِنْ هَهُنَا سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ كَانَ مُخَيَّرًا فِي أَنْ يُفْطِرَ وَفِي أَنْ يَصُومَ فَلَمَّا اخْتَارَ الصِّيَامَ وَتَرَكَ الرُّخْصَةَ صَارَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى أَهْلِ الصِّيَامِ مِنْ الْكَفَّارَةِ، وَقَدْ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ فِي الَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يُفْطِرُ: إنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنَّ أَشْهَبَ قَالَ: إنْ تَأَوَّلَ أَنَّ لَهُ الْفِطْرَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنْهُ الصِّيَامَ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَإِنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ نَهَارًا فَأَفْطَرَ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي هَذَا.
وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: رَأَى ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَنْ أَصْبَحَ فِي الْحَضَرِ صَائِمًا ثُمَّ خَرَجَ إلَى السَّفَرِ فَأَفْطَرَ يَوْمَهُ ذَلِكَ: إنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ، وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَفْطَرَ وَهُوَ بِالْكَدِيدِ حِينَ قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ قَدْ أَصَابَهُمْ الْعَطَشُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا ثُمَّ سَافَرَ فَأَفْطَرَ أَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَقُلْتُ: فَإِنْ غَلَبَهُ مَرَضٌ أَوْ حَرٌّ أَوْ عَطَشٌ أَوْ أَمْرٌ اضْطَرَّهُ إلَى الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْطَعَهُ مُتَعَمِّدًا؟
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ هَكَذَا قَضَاءٌ.
وَقَالَ: مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ فَأَصَابَهُ أَمْرٌ يَقْطَعُهُ عَنْ صَوْمِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ مُتَطَوِّعًا فَأَصَابَهُ مَرَضٌ أَلْجَأَهُ إلَى الْفِطْرِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَفْطَرَهُ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَصْبَحَ مُسَافِرًا يَنْوِي الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَنَوَى الصِّيَامَ؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ.
قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ بَيْتَهُ مِنْ سَفَرِهِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَلْيُصْبِحْ صَائِمًا وَإِنْ لَمْ يُصْبِحْ صَائِمًا أَصْبَحَ يَنْوِي الْإِفْطَارَ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ وَهُوَ مُفْطِرٌ فَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَإِنْ نَوَاهُ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ.
قُلْتُ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِهَذَا أَنْ يَأْكُلَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ هَذَا؟
قَالَ: لَا يَكْرَهُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ هَذَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ دَخَلَ مِنْ سَفَرِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ فِي رَمَضَانَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَصْبَحَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ السَّفَرَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ فَأَصْبَحَ صَائِمًا، ثُمَّ خَرَجَ مُسَافِرًا فَأَكَلَ وَشَرِبَ فِي السَّفَرِ؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَصْبَحَ فِي بَيْتِهِ فَلَا يُفْطِرْ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ السَّفَرَ؛ لِأَنَّ مَنْ أَصْبَحَ فِي بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَافِرَ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ السَّفَرَ مِنْ يَوْمِهِ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْطِرَ.
قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: كَانَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ الْمَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ وَكَانَ فِي سَفَرٍ صَامَ فَدَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَقْبَلَ فِي رَمَضَانَ حَتَّى إذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا أُرَانَا إلَّا مُصْبِحَيْ الْمَدِينَةِ بِالْغَدَاةِ وَأَنَا صَائِمٌ غَدًا فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَفْطَرَ بَعْدَمَا خَرَجَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَإِنْ كَانُوا لَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ صَامَ أَفْضَلُ.
قَالَ أَنَسٌ: ثُمَّ غَزَوْنَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ ظَهْرٌ أَوْ فَضْلٌ فَلْيَصُمْ».
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِيَ رُخْصَةٌ مِنْ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ».
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ».

.فِي صِيَامِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَصْبَحَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ يَنْوِي الْفِطْرَ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ يَوْمَهُ ذَلِكَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ عَلِمَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: يَكُفُّ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَفْطَرَهُ بَعْدَمَا عَلِمَ؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكَلَ فِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ مَا عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا وَجُرْأَةً عَلَى ذَلِكَ، فَأَرَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ مَعَ الْكَفَّارَةِ.
قُلْتُ: وَأَوَّلُ النَّهَارِ فِي هَذَا الرَّجُلِ وَآخِرُهُ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ، إنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ يَوْمَهُ مِنْ رَمَضَانَ، إلَّا بَعْدَمَا وَلَّى النَّهَارُ، فَقَالَ: ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ صَائِمًا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُهُ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَامَ الْيَوْمُ الَّذِي مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا أَصْبَحُوا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَأَفْطَرُوا ثُمَّ جَاءَهُمْ الْخَبَرُ أَنَّ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ مِنْ رَمَضَانَ، أَيَدَعُونَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ وَيَقْضُونَ يَوْمًا مَكَانَهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمْ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَكَلُوا وَشَرِبُوا بَعْدَمَا جَاءَهُمْ الْخَبَرُ أَنَّ يَوْمَهُمْ مِنْ رَمَضَانَ أَيَكُونُ عَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ؟
قَالَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَكَلُوا جُرْأَةً عَلَى مَا فَسَّرْتُ لَك.
أَشْهَبُ، عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقْدَمُوا الشَّهْرَ بِيَوْمٍ وَلَا بِيَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ ثُمَّ أَفْطِرُوا».
مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ».
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ رَبِيعَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَصُومُ قَبْلَ أَنْ يَرَى الْهِلَالَ مِنْ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ، وَيَقُولُ: إنْ كَانَ النَّاسُ قَدْ رَأَوْهُ كُنْتُ قَدْ صُمْتُهُ، قَالَ رَبِيعَةُ: لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ، الْيَوْمِ وَلْيَقْضِهِ؛ لِأَنَّهُ صَامَ عَلَى الشَّكِّ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ فِي رَجُلٍ جَاءَهُ الْخَبَرُ بَعْدَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ أَنَّ هِلَالَ رَمَضَانَ قَدْ رُئِيَ وَصَامَ النَّاسُ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ أَصَابَ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا وَلَا امْرَأَتَهُ؟
قَالَ: يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيَقْضِيهِ.